الم تشعر بها ...؟

مع مرور سنوات العمر تتغير الكثير من المعايير لدى الواحد منا .. فأنا سابقاً ما كنت لأفوت أي مباراة منقولة على التلفاز بين فريقين أحدهم يوفنتوس أو ميلان أو إنتر أو روما أو فيورنتينا أو لاتزيو وغيرهم من أندية أوربا الكبيرة .. حتى أنني في فترة من الفترات لم أكن أنام قبل الثالثة صباحاً لأتابع بعض المباريات والاستوديو التحليلي الخاص بها .. لكنني اليوم مع تغير الكثير من المعطيات في حياتي وأهمها ابنتي التي تملك معظم وقتي الآن .. أصبحت أفوت الكثير من المباريات .. حتى أخبار الرياضة لم أعد أذكر أن أتابعها لمشاهدة الأهداف التي سجلت وفاتتني .. لكنني بالأمس اتخذت قراراً بمشاهدة ديربي ميلانو لأسباب عديدة وأهمها أن فوز أي من الفريقين يعني ضغطاً كبيراً على اليوفي .. في بطولة لم تشهد إيطاليا مثيلاً لها منذ سنوات عدة بقوتها وحدة المنافسين فيها



وسنوات العمر لا تترك تأثيرها على الواحد منا من الناحية الفيزيائية وحسب .. بل إنها تترك تأثيرها أيضاً على الناحية النفسية .. فمتابعة كرة القدم سابقاً كانت صياحاً وقفزاً وغضباً وفرحاً هستيرياً .. أما اليوم فهي مراقبة تحركات اللاعبين .. ومحاولة فهم خطط المدربين .. والاستمتاع بالتكتيك المطبق على أرض الملعب .. وهذا بالمناسبة أحد الأسباب الذي دفعني للتوقف عن مشاهدة الدوري الأسباني الذي أصبح دراما تركية مملة .. لا جديد فيها يذكر



لكن ما حصل البارحة كان شيئاً جديداً بالنسبة لي .. ففي مباراة سريعة الإيقاع وبين أخذ ورد بين الفريقين لم أكن منسجماً مع أحداث المباراة .. بل كنت أتتبع تحركات لاعب لطالما قفزت طرباً له .. إلا أنني شعرت البارحة بأن دمعة تكاد تغدر بي وتنحدر على خدي وأنا أشاهده يتعارك مع نسمات الهواء يدفعها محاولاً أن يزيد من سرعته .. أو أن أشاهده ينظر يمنة ويسرة لا يدري ما يفعله بالكرة الموجودة بين قدميه وكأنها شخص غير مرغوب فيه .. أو أن أشاهده يفضل العودة أدراجه على مواجهة أي جسم بشري والقيام بأي محاولة لتجاوزه




جانلوكا زامبروتا!!



ماذا فعلت الأيام بك يا رجل! .. ألم تعد تشعر بها؟ .. إنها الكرة التي لطالما بحثت عن قدميك لتتأرجح بينها .. تحتار في أي قدم تطبع قبلتها عليها .. ترقص فرحاً مع رقصات قدميك .. وتندفع جنوناً مع انطلاقاتك النارية .. تبحث عن شيء ممن كان في الماضي أفضل من يلعب جناحاً متكاملاً في أوربا!





ميلوس كرازيتش!!



ماذا فعلت بك الأيام أنت أيضاً؟ .. ألم تعد تشعر بها؟ .. أليس اسمك من كان يهدر الجمهور صياحاً به حتى تهتز الأرض من تحت لاعبي الفريق الخصم؟ .. ألست أنت من اختار معشوقته العجوز على أموال النفط؟ .. ألست أنت من أبدع في تسجيل الأهداف في الموسم الماضي .. تسجل من كل أطراف الملعب .. تندفع بالكرة بين قدميك وكأنها ولدت هكذا ملتصقة بك؟ .. ألم تلتف أعناق المدافعين بحثاً عنك حتى تسببت لهم بآلام الظهر؟ .. ما الذي حدث بك ؟ .. ألم تعد تشعر بها؟



فرناندو توريس؟ .. ألم يعد يشعر بها؟

تشيفشينكو .. لم يعد يشعر بها



أما هو ..




دييغو ميليتو





فخانته .. وخانها .. وتركته .. فتركها .. ثم عادت إليه .. وعاد إليها .. فقد الشعور بها .. ثم عاد إليها من جديد .. أحبها .. فأحبته .. شعرت به .. فشعر بها .. وجعلنا نشعر كيف يكون الإحساس حين تشعر بها .. ويا له من شعور!